• السبت. نوفمبر 23rd, 2024
2
3

البيعة في المعاجم هي المعاقدة والمعاهدة والتولية ، وبذل العهد على الطاعة والنصرة وفقهيا، وردت في النص القرآني “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ” ( الفتح: أية 10) وهكذا وضع علماء المسلمين عبر العصور شروطا محددة واضحة للبيعة وعلى أساسها تم اختيار الخلفاء عبر التاريخ الإسلامي. والبيعة عادة تتم عبر اختيار أهل الحلّ والعقد لرجل يتولى أمر الأمّة لجلب المنافع الدّينية والدّنيوية، ودفع المضار عنها، ولا تكون البيعة إلا لوليّ أمر المسلمين، يبايعه العلماء والفضلاء، وكذلك الوجهاء من النّاس.
أعلن “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” في عام 2014 قيام ما يسمى الخلافة الإسلامية وتنصيب أبو بكر البغدادي أو عبد الله إبراهيم السامرائي،” إماما وخليفةً للمسلمين في كل مكان”، ودعا ما سماها الفصائل الجهادية في مختلف أنحاء العالم لمبايعته.  ظهر الخليفة المزيف لأول مرة في العلن في 5 تموز / يوليو 2014، عندما أصدر التنظيم تسجيلا مصورا يظهر فيه البغدادي وهو يلقي خطبة الجمعة في الجامع الكبير “الحدباء” بمدينة الموصل العراقية.

أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، قال في تسجيل صوتي إن مسمى ” الدولة الإسلامية في العراق والشام” يُلغى ليقتصر على الدولة الإسلامية، مشيرا إلى أن هذا الإعلان جاء بعد اتخاذ قرار بهذا الشأن ممن وصفهم بأهل الحل والعقد من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى. وهكذا ظهرت للوجود الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وخليفتها المزعوم أبو بكر البغدادي. نفذ عناصر التنظيم جرائم عديدة بحق البشر والشجر والحجر واضطهدوا المسلمين السنة والشيعة ومارسوا جرائم وحشية بحق المسيحيين وسبوا النساء الأيزيديات وأدخلوهن في جحيم الرق الجنسي وأسواق النخاسة في المدن التي وقعت تحت سيطرتهم.

احتل داعش مدن وبلدات في شمال-غرب العراق وشمال-شرق سوريا ومارس عناصره الاعتقال الكيفي بحق المدنيين وتعذيبهم في الساحات العامة وتطبيق ما يسمى “الحدود الإسلامية” بحق المخالفين للشريعة وقد تم قتل المدنيين في الساحات العامة أمام السكان المحليين. استعمل عناصر التنظيم معاول الهدم بحق المكتبات العامة والمسارح والمتاحف ومنعوا سماع الموسيقى وحطموا الآلات الموسيقية في الأماكن العامة وهربوا الآثار الوطنية إلى خارج المنطقة بغرض بيعها في السوق السوداء. فرض التنظيم زيا موحدا على نساء المدن التي دخلها ووضع عقوبات مشددة على النساء المخالفات وخول نساء داعش في “جهاز الحسبة” تنفيذ هذه العقوبات القاسية.

لم يبايع المسلمون في مناطق التنظيم الخليفة المزيف بل تم إجبار شيوخ القبائل وأئمة المساجد على تقديم البيعة قسرا تحت تهديد السلاح. وفي المناطق ذاتها لم يكن هنالك أشخاص ضمن مجموعة “أهل الحل والعقد” أي الذين يملكون حق اختيار الخليفة كما هو معروف في الفقه كشرط من شروط البيعة. بعد أن أعلن البغدادي خلافته المزيفة، استجابت له مجموعات متشددة متطرفة في أماكن مختلفة مثل “جند الخلافة” في الجزائر التي أعلنت بيعتها له وانشقاقها عن القاعدة في بلاد المغرب العربي. بعد تردد لأسبوع، أصدر تنظيم أنصار بيت المقدس في مصر إصدارا صوتيا تضمن مبايعة خليفة داعش المزعوم. يعتبر تنظيم “الأنصار” أقوى التنظيمات المسلحة العاملة في مصر وأخطرها على الإطلاق وله سجلات حافلة بالعمليات الإرهابية والسلطات المصرية مازالت تتعقب عناصره حتى اليوم. في سوريا الأمر مختلف عن مصر، فقد رفضت جبهة النصرة أعلان البيعة لداعش وحافظت على ولائها للقاعدة لكن بعض قياداتها تركت الجبهة وأعلنت بيعتها للخلافة المزيفة. وعلى صعيد متصل، هاجم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، داعش واصفاً إياه بأنه “أسوأ من الخوارج” وطلب من أتباعه عدم الالتفات لدعاوي داعش. انتقد الظواهري أبو بكر البغدادي قائلا: ” رغم تكرار نقدنا لهم فلم يذكروا من هم هؤلاء القلة المجاهيل، الذين زعم البغدادي أنه صار خليفة ببيعتهم له، وها نحن اليوم نطالبهم ونطالب البغدادي بأن يذكر لنا أسماء وتاريخ وصفات من عقدوا له البيعة المزعومة، وبالخصوص من كان منهم في جيش صدام، وبالأخص من كان منهم في استخبارات صدام، وبأي حق سلطهم على رقاب المسلمين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *