• الجمعة. يوليو 26th, 2024

الآكيتو… فرح ومسرات وتاريخ مشرق

أبريل 6, 2023 #العراق
عيد آكيتو  الذي يعتبر من أقدم أعياد البشرية

تاريخ النشر : 06 ابريل 2023

اهتم العراقيون القدماء بالزمن ولجأوا إلى اختراع التقويم ليعكس حركة القمر والشمس (مع تغير الفصول وتقلبات الطقس) والتي احتلت مكانة مهمة في موروثهم الديني وساهمت في تشكيل مفاهيم موسم الحصاد والبذار وبداية سنة جديدة وتساوي ساعات الليل مع ساعات النهار وبداية فصل الربيع وكل هذا قادهم إلى الاحتفال بعيد آكيتو الذي صار مفصلا مهما في حياتهم في تلك الحقب المتعددة من تاريخ العراق القديم. في اللغة السومرية سمي بعيد أكيتي وفي الأكادية بعيد أخيتي ووصلتنا التسمية النهائية بالأشورية باسم آكيتو.  وثقت الرقائم الطينية أن مدينة أور أول من احتفل بهذا العيد في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد (السلالة البابلية الأولى) وبعدها بدأت المدن في بلاد ما بين النهرين في الاحتفال بهذا العيد الذي حافظت علية الحضارات التي تلت حضارة السومريين حتى وصلت إلى الحضارة الأشورية، أخر حضارة في العراق القديم.

ألهم آكيتو المخيلة الدينية والشعبية والسياسية والذي تضمّن، مثالا لا حصرا، جولة موكب الملك والآلهة والكهنة في المدينة مع طقوس العبادة وهو مناسبة لتقديم الأضاحي من قبل الشعب ولاستعراض الملوك لقوتهم الحربية وانجازاتهم وأسراهم في حروبهم التي حققوا فيها انتصاراتهم على الأمم الأخرى وهو وقت مثالي للملك لتذكير شعبه بأنه ممثل الآلهة على الأرض وطاعته واجبة على الشعب. إضافة إلى ذلك، يعتبر هذا العيد، حسب المدونات التاريخية، مناسبة للتكافل الاجتماعي وتوزيع الطعام والشراب وإقامة الولائم الكبرى وفرصة لنشر الفرح والبهجة بين الناس وفرصة لإقامة حفلات الزواج والخطوبة التي تتضمن الكثير من الغناء والرقص مع الولائم الكبيرة للناس والنذور لكهنة المعابد. تاريخيا، تحول الاحتفال بهذه المناسبة، عبر القرون، في الذاكرة الجمعية للأشوريين والسريان والكلدان في العراق وشمال شرق سوريا إلى الاحتفال بـ ” شهر السعادة” الذي صار التحضير له والمشاركة به جزءًا من التقاليد القومية والدينية التي لا يمكن التخلي عنها.

يحتفل الأشوريون والكلدان والسريان في العراق وشمال شرق سوريا في اليوم الأول من نيسان / أبريل ويستمرون في الاحتفال لـ 12 يوما احتفاءً بهذا العيد كعيد قومي وديني على حد سواء. قبيل بدء احتفالات العيد، تخرج الأمهات في الصباح الباكر إلى الغابات ليأتين بقبضة عشب ويتم تعليقها على عتبة الدار وتسمى “دقنا نيسان” أي ما اقتناه نيسان وهي إشارة للترحيب بقدوم الربيع والفرح بانتصار الحياة الجديدة على الأرض. المسيرات الشعبية للمواطنين تعتبر الجزء الأهم من احتفالات العيد مع أصوات الفرق الموسيقية التي تصدح في الأماكن العامة والساحات والتي تمتلئ بالمواطنين والقساوسة والزعماء الاجتماعيين والحكومة المحلية وبعدها تلقى الخطب التي تحتفل بتراث وحضارة المنطقة وتاريخها وبعدها تبدأ حفلات الغناء والرقص الفلكلوري والعروض المسرحية وولائم الأطعمة التي تجمع المواطنين بملابسهم الزاهية الملونة.

تمر هذا العام الذكرى الـ 6773 للاحتفال بآكيتو الذي يعتبر من أقدم أعياد البشرية ويحمل دلالات رمزية كثيرة منها الخصب والرخاء والفرح وبداية السنة البابلية وبداية فصل الربيع وإعلان عن بداية الحصاد في أرض بابل وسومر وأشور. إنها مناسبة للاحتفال بالحياة والإعلان عن استمرار حضارات وادي الرافدين في صيانة تاريخها المشرق كل يوم عبر طقوس جميلة تبعث الفرح والمسرات.   

كلمات دالّة: اخبار العراق, تاريخ العراق, تاريخ العراق القديم, تاريخ العشائر العراقية, احد ملوك اشور الاشوريين, اشور, الحضارة الاشورية, عاصمة اشور, اشورية, الآشوريين , الأشورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *