• الخميس. أبريل 24th, 2025

أحد الشعانين في قرقوش

أبريل 24, 2025 #العراق

كباقي المسيحيين في العراق والعالم، احتفل سكان قرقوش بعيد “أحد الشعانين” (يعرف أيضا بعيد السعف) وهو بداية الأسبوع المقدس في الديانة المسيحية الذي ينتهي بعيد الفصح لكن الاحتفال في هذه المدينة له نكهة مختلفة جدا.

كان سكان هذه المدينة يمارسون طقوسهم بحرية حتى وصول الإرهاب إليهم في ليلة ظلماء الذي وضعهم أمام تحديات كبيرة غيرت حياتهم إلى الأبد. للمدينة أهمية كبيرة في تاريخ المسيحية في العراق والشرق الأوسط بصورة عامة وفيها أقدم كنيسة كاثوليكية في البلاد والذي أعطى للمدينة أهمية استثنائية. بعد هزيمة التنظيم الإرهابي في العراق، عاد سكان قرقوش إلى الاحتفال بهذا العيد والأعياد الأخرى وهنالك جهود حكومية تعمل على إعادة العوائل التي نزحت من المدينة في زمن الإرهاب وتعمل أيضا على إعادة إعمار ما خربه المجرمون في المدينة.

خيارات صعبة


في آب / أغسطس 2014، دخلت قطعان الظلام هذه المدينة الهادئة ونشرت الرعب فيها وخلال ساعات بدأ الأهالي في الهروب إلى مدن وقرى أكثر أمناً. وضع الإرهابيون سكان قرقوش أمام عدة خيارات صعبة لا يمكن لأي شخص تقبلها. إضافة للتخريب المتعمد للكنائس والأديرة ولكاتدرائية المدينة الشهيرة، تمت مصادرة العديد من بيوت الأهالي وسرقة محتويات الكنائس وأموال المواطنين ومجوهراتهم وتم تقديم خيارات للمواطنين لا يقبلها المنطق مثل دفع الجزية أوالتحول بالإكراه إلى الإسلام. من الجرائم الأخرى التي حدثت في المدينة وقراها هو سبي النساء واغتصابهن ونقلهن إلى مدن أخرى في العراق أو سوريا كجزء من سياسة الاستعباد الجنسي وتجارة الرق في المدن والبلدات المسيحية و الأيزيدية التي غزاها الإرهابيون. بسبب الإرهاب، أضطر الكثير من سكان المدينة إلى النزوح إلى مدن ومحافظات أخرى وهاجر قسم منهم إلى خارج البلاد وتم منع من تبقى منهم من الاحتفال بهذا العيد أو الأعياد المسيحية الأخرى. في عام، 2022، قدم فريق تابع للأمم المتحدة تقريرا إلى مجلس الأمن أتهم فيه الإرهابيين بارتكاب جرائم حرب ضد مسيحيّ العراق. ورد في التقرير:” ارتكب التنظيم الإرهابي جرائم شملت النقل القسري للمسيحيين واضطهادهم، والاستيلاء على ممتلكاتهم، والانخراط في العنف الجنسي والاستعباد وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية، مثل التحويل القسري للديانة وتدمير المواقع الثقافية والدينية”.

رسائل محبة


حسب المصادر التاريخية، بغديدا من أقدم أسماء المدينة الذي يعود للحقبة المسيحية المبكرة ويعني “بيت الآلهة” باللغة السريانية / الآرامية. المصادر ذاتها تؤكد أن اسم قرقوش الذي يعني “الطير الأسود” في اللغة التركية جاء للمدينة خلال فترة سيطرة الدولة العثمانية على العراق والتي امتدت لخمسة قرون تقريبا . في سبعينات القرن الماضي، حاولت السلطة المركزية تعريب أسماء المدن والبلدات وغيرت اسم المدينة إلى الحمدانية لكن الأهالي لم يتداولوا الاسم إلا في الأوراق الرسمية. يتبع معظم سكان البلدة الديانة المسيحية و يتحدثون الآرامية ويستخدمونها في حياتهم اليومية وصلواتهم الكنسيّة. تاريخياً، بدأت المسيحية في العراق من هذه المدينة ومنها انتشرت إلى باقي البلاد وفيها أقدم كنيسة كاثوليكية إضافة إلى بنايات أخرى تمثل جزءاً من التراث الديني العريق للبلاد برمتها. في عام 2021، كانت بغديدا المحطة الثانية في جدول زيارة بابا الفاتيكان للعراق حيث ألقى خطابا مهما في أحد الكنائس عن أهمية المحبة والسلام والتعايش الديني والعرقي.


في أحد الشعانين لهذا العام، جاب المسيحيون شوارع بغديدا حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون ووجهوا عبر صلاتهم في الكنائس رسائل محبة إلى كل العالم وأكدوا على أنهم يشعرون بالأمان بعد نهاية عهد الإرهابيين المظلم وهذا دفع الكثير من النازحين إلى العودة إلى بيوتهم ومدينتهم. بعد أستتاب الأمن وهزيمة الإرهاب في المنطقة، تستمر، اليوم، الجهود الحكومية المحلية والدولية في تنفيذ الخطط الرامية إلى تسهيل عودة النازحين من داخل البلاد وخارجها. إضافة إلى ذلك، هنالك جهود أخرى تعمل أيضا على إعادة إعمار المدينة وخصوصا المناطق السكنية والمدارس والمشافي والمعابد الدينية والمواقع التاريخية التي تعرضت لتخريب المجرمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *