قبل وبعد هزيمة داعش النهائية في العراق وسوريا، بدأت منظمات إرهابية في أفريقيا في مبايعة التنظيم ومنها بوكو حرام التي أعلنت بيعتها له في 2015 وأطلقت على نفسها اسم “ولاية غرب أفريقيا”.

تنشط هذه الجماعة بشكل أساسي في شمال-شرق نيجيريا والمنطقة الكبرى لبحيرة تشاد، حيث نفذت العديد من الهجمات الإرهابية منذ عام 2016. في عام 2018، أعلنت هذه الجماعة الإرهابية مسؤوليتها عن شن خمس هجمات في تشاد ونيجيريا والتي أدت إلى مصرع 118 شخصاً. في عام 2019، أعلنت الجماعة ذاتها مسؤوليتها عن تنفيذ هجومين في غرب النيجر نتج عنهما مقتل 29 شخصاً. لمكافحة النشاطات الإرهابية في تلك المنطقة، تم تفعيل التعاون العسكري والأمني بين عدة دول في أفريقيا مع دول مهمة في المجتمع الدولي إضافة إلى التنسيق المستمر الذي يهدف إلى محاربة مصادر تمويل الإرهابيين ومواجهة دعايتهم الإعلامية الموجهة للسكان المحليين في أفريقيا.

تنسيق وإرهاب
وفقا لمركز تريندز للبحوث والدراسات، وجد داعش مبكراً موطئ قدم له في القارة الأفريقية، ليس فقط لأسباب تتعلق بالحالة الأمنية، وتعدد مناطق التوتر، وإنما أيضا لسهولة بناء علاقات وثيقة مع زعماء الكيانات الاجتماعية المحلية المنشقة عن الدولة الوطنية وإغرائهم بالمشاركة في الأرباح الناتجة عن “النشاطات الاقتصادية” غير القانونية كالتهريب والإتاوات فضلًا عن نجاح حملات كراهية الغرب التي نفذها داعش في تلك المناطق بهدف الحصول على تأييد السكان المحليين. في هذه القارة، وجد داعش الكثير من مقومات البقاء والتمدد والانتشار كالصراعات القبلية والعرقية والطائفية التي ساهمت، بشكل أو بآخر، في إضعاف الدولة الوطنية وأجهزتها الأمنية. الفراغ الأمني في بعض المناطق في أفريقيا قد هيأ الأرضية المثالية لظهور داعش وصعوده وسيطرته، في نهاية الأمر، على بعض المناطق في أفريقيا حتى صار خطراً على أمن وأمان الأفراد والكيانات الاجتماعية والدولة الوطنية على حد سواء. طبقا لمجلة فورن بوليسي، في تموز/ يوليو 2024، قامت عناصر مسلحة يشتبه بانتمائها إلى داعش أو مجموعات مقربة منها بقتل خمسة من حراس المتنزهات في شمال دولة بنين (غرب أفريقيا) وسبقه هجوم مماثل في حزيران / يونيو أدى إلى مقتل سبعة أشخاص وسجلت السلطات المحلية تنفيذ 171 هجوماً إرهابياً من قبل داعش في عام 2023. حسب تقرير المجلة ذاتها، هنالك تنظيم وتنسيق واتصال بين هذه الجماعات فيما يخص استراتيجيات العمل وأن داعش، في منطقة غرب أفريقيا، قد قام بدمج مكتب “الفرقان” (مكتب القيادة الإقليمية للتنظيم في غرب أفريقيا) مع مكتب “الأنفال” (مكتب الساحل الأفريقي)، ليصبح أبو مصعب البرماوي “أميرا’” لمكتبي الفرقان والأنفال، وبعدها بفترة قصيرة بدأت زيادة ملحوظة في عدد الهجمات الإرهابية في تلك المنطقة.

جهود متواصلة
تستمر جهود القوى الأمنية والمؤسسات الاستخباراتية في دول المنطقة بهدف مكافحة الإرهاب وتطويق نشاطات المنظمات المتطرفة التي تحاول بصورة مستمرة إشاعة الفوضى والخراب وارباك السلم الأهلي. تحاول الدول الأفريقية تعزيز قواتها الأمنية وإقامة تعاون إقليمي مع المجتمع الدولي لمواجهة إرهاب داعش، كتشكيل وتفعيل قوة الساحل “G5” التي تقوم بدور مهم في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة. التعاون بين الدول الأفريقية لمكافحة الإرهاب يشمل أيضا محاربة مصادر تمويل تنظيم الدولة ومحاربة دعايته الموجهة للسكان المحليين في أفريقيا. يشمل هذا التعاون أيضا عمليات عسكرية مشتركة ضد معاقل التنظيم وتبادل معلومات استخباراتية عن تحركات الإرهابيين من مناطق أخرى من العالم إلى أفريقيا ويجري التركيز على أن تكون جهود مكافحة الإرهاب طويلة الأمد ومستدامة.