أحتفل العراقيون يوم 10 يونيو الحالي بذكرى مرور عشرة أعوام على سقوط مدينة الموصل تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي والذي سجل لحظة فارقة في تاريخ المدينة وتاريخ العراق كله. فقد انتشر الخوف والفرقة بين أبناء المدينة بكل طوائفهم وديانتهم ودفعهم اضطهاد داعش إلى ترك التسامح والسلام الذي عاشوا فيه جنبا لجنب عبر ألاف السنين.
عم العنف الطائفي كل أرجاء الموصل، كغيرها من المدن في أنحاء العراق كافة، وقام مسلحي داعش والمتطرفين باستهداف اليزيديين والشيعة والمؤسسات المسيحية والكنائس وحتى الحافلات التي تقل الأقليات.
ملاحقة وقتل اليزيديين
أقدم داعش بشكل خاص خلال تلك الفترة على اضطهاد اليزيديين الذين اعتبرهم التنظيم كفارا لا رحمة ولا حصانة لهم ضد كل أنواع الملاحقة والاضطهاد. فقام التنظيم بقتل رجالهم ودفنهم في مقابر جماعية كما حدث في قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار. وقام بسبي نسائها وبيعهم في أسواق الرق كما حدث للفتاة العراقية نادية التي أبززت قصتها موقع رؤيا في مقال نشر مؤخرا لها.
وقد أشار مقال موقع رؤيا إلى أن نادية ولدت وعاشت في قرية كوجو الهادئة التابعة لقضاء سنجار بمحافظة نينوى حتى وصول عناصر التنظيم مدججين بسلاحهم وقيامهم بنشر الرعب في القرية وقتل والدتها وستة من أشقائها. و تعرضت نادية بعد ذلك مع بقية نساء القرية للسبي والنقل إلى الموصل ومدن أخرى تحت تهديد السلاح لا لشيء سوى إنها، حسب شريعة التنظيم المشبوهة، من أعداء الإسلام ودولة الخلافة المزيفة. فقام التنظيم بيعها عدة مرات، وتم أعضاءه باغتصابها أكثر من مرة حتى انتهى بها الأمر وهي بنت الـ 13 ربيعا تعمل جارية عند أحد عناصر التنظيم الذي عاملها كعبدة تخضع لأوامره وترضي رغباته الجنسية المريضة.
أضطهاد وطرد المسيحيين
ولم ينجو مسيحي الموصل كذلك من أضطهاد داعش فقد قام التنظيم بعد أيام من السيطرة على الموصل بوضع علامات النون على منازل المسيحيين في إشارة واضحة لكونهم نصارى مختلفون عن بقية أهل المدينة. قام داعش بعد ذلك بملاحقة العوائل المسيحية وإجبارهم على دفع الجزية أو ترك المدينة ومصادرة أملاكهم. وقد أشار موقع “بيريسكيوشن” الأمريكي المهتم بشؤون المسيحيين في مقالة تم نشهرها مؤخرا إلى حقيقة أن الموصل التي سكنها مئات الإلاف من المسيحين عبر التاريخ أصبحت بعد عشر أعوام من احتلال واضطهاد ورحيل داعش لا يسكنها غير 50 عائلة مسيحية فقط.
تعلم دروس الماضي
ولا يسعنا هنا و في النهاية غير مشاركة كل العراقيين في أستذكار احتلال الموصل والتعلم من دروسه، والاحتفاء كذلك بذكرى معركة تحريرها من تنظيم داعش في العام 2017 والتي أعتبرها المؤرخون أعنف معركة حضرية منذ الحرب العالمية الثانية. ولا يسعنا كذلك إلا الاحتفاء بتصريح وزير الدفاع العراقي الجديد، خالد العبيدي في تلك الذكرى العاشرة، الاخير وتعهده بالتحقيق في الأحداث والتداعيات التي تسببت بسقوط العديد من المدن العراقية ومن بينها الموصل بيد تنظيم داعش. فقد قال العبيدي في كلمة متلفزة له مؤخرا، في أول أطلالة له بعد تسلمه منصبه السبت الماضي: «سنحقق بصدق في تداعيات الأحداث السابقة وإعلانها أمام الرأي العام والشعب العراقي ولن نتردد في اتخاذ أي قرار وفق الصلاحيات الممنوحة لنا في محاسبة من يقصر أو من تلطخت يداه بدماء العراقيين أو استهان بأمنهم».