• الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024
1
1


بعد أن عاشت عدة أشهر في عالم السبي الكارثي (الرق الجنسي الذي ارتكبه داعش)، استطاعت نادية مراد الهروب من الجحيم والوصول إلى مكان أمن في محافظة دهوك – كردستان العراق. عاشت هذه الفتاة الشابة في قرية كوجو الهادئة التابعة لقضاء سنجار في محافظة نينوى قبيل وصول عناصر التنظيم مدججين بسلاحهم حين نشروا الرعب في القرية وقتلوا والدتها وستة من أشقائها. تعرضت نادية مع نساء القرية للسبي والنقل إلى الموصل ومدن أخرى تحت تهديد السلاح لا لشيء سوى إنها، حسب شريعة التنظيم المشوهة، من أعداء دولة الخلافة المزيفة. تم بيعها عدة مرات، وتم اغتصابها أكثر من مرة وانتهى بها الأمر وهي بنت الـ 13 ربيعا كجارية عند أحد عناصر التنظيم الذي عاملها كعبدة تخضع لأوامره وترضي رغباته الجنسية المريضة. بعد نجاتها من هذا الجحيم، وصلت إلى ألمانيا وبدأت نشاطها، عبر كل السبل المتاحة، في فضح داعش والحصول على دعم المجتمع الدولي للسبايا وإعادة تأهيلهن بطرق ممنهجة. تكلمت هذه الفتاة الشابة في مجلس الأمن عام 2015 وصارت السفيرة الأممية للنوايا الحسنة في 2016 وفي عام 2018 حصلت على جائزة نوبل للسلام كما أصدرت في العام ذاته كتابا بعنوان:” لكي أكون الأخيرة.”


فازت نادية مراد ولمياء آجي في عام 2016 بجائزة ساخاروف وهي أعلى جائزة أوربية في حقوق الإنسان وقد منحت لجهودهما المستمرة في فضح جرائم داعش ولنشاطهما في تسليط الضوء على جريمة السبي التي مارسها عناصر التنظيم بحق النساء. بعد نجاتهما من الجحيم، تواصلت جهودهما في رواية تفاصيل تجربتهما المؤلمة وحث المنظمات الدولية والعالم المتحضر على مساندة الضحايا.

في عام 2019، تسلمت ايمان عباس، الفتاة الأيزيدية ذات الـ 18 عاما، جائزة الأم تيريزا المرموقة في مدينة مومباي الهندية نيابة عن مكتب الإنقاذ الإيزيدي. هذا المكتب يعمل على تقديم المساعدة لإعادة دمج نحو 5 آلاف شابة اتخذهن تنظيم داعش سبايا أثر هجومه في عام 2014 والذي سيطر خلاله على مناطق واسعة من شمال-غرب العراق حيث موطن الأقلية الإيزيدية. بعد تحررها من قبضة التنظيم، بدأت إيمان في رواية تفاصيل رحلتها الطويلة نحو الحرية عبر طريق معبد بالألم. كانت في الـ 13 من عمرها عندما اجتاح داعش قرى قضاء سنجار- محافظة نينوى وقتل الرجال وخطف فتية وأرغمهم على القتال في صفوفه واتخذ آلاف النساء والفتيات سبايا. بعد الخطف، فصلت إيمان عن عائلتها ووضعها عناصر التنظيم في أسواق مخصصة لهذا الغرض. اشترى عناصر داعش النساء ونقلوهن إلى منازلهم (منازل الدواعش) وبعدها تم بيع إيمان أربع مرات. بعد أن نالت حريتها ونجت من جحيم السبي، بدأت إيمان العمل مع مكتب الإنقاذ الإيزيدي في البحث عن الإيزيديات اللواتي لم يعرف مصيرهن بعد.

بعد نجاتها من داعش في مدينة الحسكة ( شمال – شرق سوريا)، تحدثت نجلاء سعيد، الفتاة الإزيدية ذات الـ 24 عاماً، عن تجربتها كسبية:” كنت أتعرض للاغتصاب أكثر من 7 مرات يومياً، أنا وغيري من الفتيات، حتى أن بعضهن فضلن الانتحار على البقاء في قبضة هذا التنظيم الإرهابي.” هذا بعض من وصفها للمجزرة التي ارتكبها داعش في قرية كوجو في قضاء سنجار عام 2014 حين تحولت المدن والبلدات التي كانت تحت سيطرة داعش إلى أسواق نخاسة يتم فيها بيع النساء. حسب نجلاء: “تم فصل النساء عن الفتيات ولكل ضحية سعر حسب العمر والصفات الجمالية وكان أمراء التنظيم يفضلون الصغيرات الجميلات” وقد انتهت نجلاء سبيةً لدى شخص عراقي برتبة أمير في داعش داخل سوريا. بعد هزيمة داعش في الباغوز، تمكنت هذه الشابة الإزيدية من النجاة من هذا القدر الكارثي والالتحاق بعائلتها وسرد أهوال رحلتها المؤلمة من العبودية إلى شواطئ الحرية.

ستبقى جرائم السبي التي ارتكبها عناصر داعش جرحا لا يندمل وستبقى ذاكرة الضحايا محملة بتفاصيل الألم التي يجب تذكير العالم بها بهدف منع تكرارها وبغرض حماية الأبرياء في المستقبل من شرور التطرف والحركات التي تبشر به سرا وعلانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *