بعد يوم طويل من الصيام، يميل الكثيرون إلى التهام وجبة الإفطار دفعة واحدة. لكن هذه العادة الخاطئة قد تؤدي إلى الشعور بالثقل والتعب، وهو ما يشتكي منه الكثيرون. فما هو السر وراء الإفطار المثالي؟ وكيف يمكننا تجنب هذه الأعراض المزعجة؟ تابع القراءة لتكتشف الطريقة الصحيحة للإفطار، ولماذا يُنصح بالبدء بالتمر والماء.

التمر والماء: كنز غذائي في رمضان:
“التمر ليس مجرد فاكهة لذيذة، بل هو كنز غذائي يعود تاريخه إلى آلاف السنين. وقد أثبت خبراء التغذية أن البدء بالتمر والماء هو الخيار الأمثل لكسر الصيام. فالتمر يمنح الجسم دفعة سريعة من الطاقة، حيث يحتوي على سكريات طبيعية تعوض ما فقده الجسم خلال ساعات الصيام الطويلة. ولا داعي للإفراط، فبضع تمرات كافية لتحقيق الفائدة المرجوة.
القيمة الغذائية للتمر: مصدر للطاقة والمعادن:
“يُعد التمر المجفف كنزًا غذائيًا غنيًا بالعناصر الأساسية. فكل حبتين من التمر المجفف توفران 1 غرام من البروتين، 3 غرامات من الألياف، 27 غرامًا من السكر، و 31 غرامًا من الكربوهيدرات. بالإضافة إلى ذلك، يُعد التمر مصدرًا غنيًا بالمعادن والفيتامينات الضرورية لصحة الجسم، مثل المغنيسيوم والكالسيوم والحديد والبوتاسيوم.”
التمر: حل طبيعي للتعب والإرهاق:
“يُعتبر التمر مصدرًا ممتازًا للحديد، وهو عنصر حيوي خاصة للأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد، الذي قد يؤدي إلى الشعور بالإرهاق المستمر. وبفضل محتواه الغني بالحديد والكربوهيدرات، يمنح التمر الجسم طاقة سريعة، مما يساعد على تقليل الشعور بالتعب والخمول الذي قد يصاحب وجبة الإفطار.”
مضادات الأكسدة والألياف: فوائد التمر للصحة:
“لا تقتصر فوائد التمر المجفف على الطاقة والمعادن فقط، بل هو غني أيضًا بالبوليفينول، وهي مركبات كيميائية قوية مضادة للأكسدة. هذه المضادات تحمي خلايا الجسم من الأضرار التي تسببها الجذور الحرة، وتساهم في تحسين الهضم، وتنظيم مستويات السكر في الدم، وحتى الوقاية من بعض الأمراض المزمنة. ورغم وجود البوليفينول في العديد من الفواكه المجففة، إلا أن التمر يتصدر القائمة كأغنى مصدر لهذه المركبات.”
“إضافة إلى ذلك، يُعد التمر مصدرًا ممتازًا للألياف، التي تلعب دورًا حيويًا بعد ساعات الصيام الطويلة. فهي تعزز صحة الجهاز الهضمي، وتمنع الإمساك، وتنظم حركة الأمعاء. كما تساهم الألياف في تنظيم مستويات السكر في الدم، مما يجعله خيارًا مثاليًا لتحقيق التوازن بعد يوم من الصيام.”
لا يقل الماء أهمية عن التمر في وجبة الإفطار، فهو يلعب دورًا حيويًا في ترطيب الجسم بعد ساعات طويلة من الصيام. يساعد الماء في استعادة توازن السوائل المفقودة، ويحافظ على توازن الإلكتروليتات، وهي المعادن والأملاح الضرورية لدعم وظائف الجسم الحيوية. كما أنه ضروري للتفاعلات الكيميائية داخل الجسم، ويساهم في امتصاص العناصر الغذائية والوقاية من الإمساك. ورغم وجود مصادر أخرى للسوائل مثل العصائر والحساء، يبقى الماء الخيار الأمثل لعدم احتوائه على سعرات حرارية. ولتحقيق أقصى استفادة، يُنصح بشرب الماء الفاتر عند الإفطار، فهو يساعد في تحسين عملية الهضم وتعزيز امتصاص العناصر الغذائية.
ويُعد شرب كمية كافية من الماء من أهم النصائح الصحية خلال شهر رمضان، حيث تُحذر نظيمة قريشي، أخصائية التغذية المسجلة في تورنتو، من أن عدم شرب الماء بشكل كافٍ قد يؤدي إلى مشكلات في الجهاز الهضمي، والجفاف، والشعور بالتعب، الذي قد يتضمن الدوار والصداع والخمول. وتُشدد الدكتورة لمى نزال، أخصائية أمراض الكلى، على أن نقص الماء قد يؤدي مع مرور الوقت إلى تراجع وظائف الكلى، وتنصح بالبدء في شرب الماء فور الإفطار والاستمرار في ترطيب الجسم حتى السحور.
من جهة أخرى، يُعد اختيار الأطعمة المناسبة للإفطار أمرًا حيويًا، حيث يُنصح بتجنب الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، التي قد تسبب صعوبة في الهضم، والشعور بالانتفاخ والثقل والخمول.
ترتيب وجبة الإفطار وما يجب أن تتضمنه
بعد الإفطار على التمر والماء، يُفضل تجنب التسرع في تناول الوجبة الرئيسية. خذ بضع دقائق لأداء الصلاة، ثم ابدأ وجبتك بالحساء، حيث يساعد على تهيئة المعدة للطعام ويمنح شعورًا بالشبع، مما يقلل من تناول كميات زائدة من الطعام. أثناء تناول وجبتك، احرص على الأكل ببطء والمضغ الجيد لتعزيز الهضم وتجنب أي اضطرابات معوية.
لضمان توازن غذائي صحي، يجب أن تتضمن وجبة الإفطار الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة، والخضروات الغنية بالألياف، ومصادر البروتين مثل اللحوم أو الأسماك، بالإضافة إلى الدهون الصحية. يساهم هذا التنوع في تزويد الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة بعد ساعات طويلة من الصيام، مما يعزز النشاط ويحافظ على صحة الجسم.
لضمان توازن وجبتك الغذائية واحتوائها على العناصر الأساسية، يمكنك تقسيم طبقك إلى نصفين. اجعل النصف الأول مخصصًا للخضروات غير النشوية أو السلطة، حيث توفر الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم. ثم خصص ربع الطبق لمصادر الكربوهيدرات المعقدة الغنية بالألياف مثل الكينوا أو البطاطس.
يمكنك أيضًا اختيار الأرز أو المعكرونة، ويفضل استخدام الأرز البني نظرًا لاحتوائه على نسبة أعلى من الألياف مقارنة بالأرز الأبيض. أما الربع الأخير من الطبق، فاجعله مخصصًا للبروتين، مثل الدجاج ولحم البقر أو الأسماك، لضمان حصول جسمك على ما يحتاجه من الأحماض الأمينية الضرورية.
بالإضافة إلى ذلك، حاول الحد من استهلاك الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات والمشروبات المحلاة. وخلال شهر رمضان، نظرًا لقصر الفترة المتاحة لتناول الطعام، احرص على تزويد جسمك بجميع العناصر الغذائية الأساسية والسوائل الكافية للحفاظ على صحتك ونشاطك طوال اليوم.